فصل: بيع العربون:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.بيع العربون:

صفة بيع العربون أن يشتري شيئا ويدفع جزءا من ثمنه إلى البائع.
فإن نفذ البيع احتسب من الثمن، وإن لم ينفذ أخذه البائع على أنه هبة له من المشتري.
وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم صحة هذا البيع، لما رواه ابن ماجه أن النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى عن بيع العربون. وضعف الإمام أحمد هذا الحديث، وأجاز بيع العربون لما رواه عن نافع بن عبد الحارث أنه اشترى لعمر دار السجن من صفوان بن أمية بأربعة آلاف درهم، فإن رضي عمر كان البيع نافذا، وإن لم يرض فلصفوان أربعمائة درهم.
وقال ابن سيرين وابن المسيب: لا بأس إذا كره السلعة أن يردها ويرد معها شيئا، وأجازه أيضا ابن عمر.

.البيع بشرط البراءة من العيوب:

ومن باع شيئا بشرط البراءة من كل عيب مجهول، لم يبرأ البائع - ومتى وجد المشتري عيبا بالمبيع فله الخيار لأنه إنما يثبت بعد البيع، فلا يسقط قبله.
فإن سمي العيب أو أبرأه المشتري بعد العقد برئ.
وقد ثبت أن عبد الله بن عمر باع زيد بن ثابت عبدا بشرط البراءة بثمانمائة درهم، فأصاب به زيد عيبا، فأراد رده على ابن عمر، فلم يقبله، فترافعا إلى عثمان فقال عثمان لابن عمر: تحلف أنك لم تعلم بهذا العيب. فقال: لا. فرده عليه، فباعه ابن عمر بألف درهم.
ذكره الإمام أحمد وغيره.
قال ابن القيم: وهذا اتفاق منهم على صحة البيع وجواز شرط البراءة، واتفاق من عثمان وزيد على أن البائع إذا علم بالعيب لم ينفعه شرط البراءة.

.الإختلاف بين البائع والمشتري:

إذا اختلف البائع والمشتري في الثمن وليس بينهما بينة فالقول قول البائع مع يمينه، والمشتري مخير بين أن يأخذ السلعة بالثمن الذي قال به البائع وبين أن يحلف بأنه ما اشتراها بثمن أقل.
فإن حلف برئ منها، وردت السلعة على البائع، وسواء أكانت السلعة قائمة أم تالفة.
وأصل ذلك ما رواه أبو داود عن عبد الرحمن بن قيس ابن الاشعث عن أبيه عن جده قال: اشترى الاشعث رقيقا من رقيق الخمس من عبد الله بعشرين ألفا، فأرسل عبد الله إليه في ثمنهم.
فقال: إنما أخذتهم بعشرة آلاف.
فقال عبد الله: فاختر رجلا يكون بيني وبينك.
قال الاشعث: أنت بيني وبين نفسك.
قال عبد الله: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا اختلف البيعان ليس بينهما بينة فهو ما يقول رب السلعة أو يتتاركان».
وقد تلقى العلماء هذا الحديث بالقبول.
وقال بعمومه الإمام الشافعي، وأن البائع والمشتري كما يتحالفان إذا اختلفا في الثمن فإنهما يتحالفان إذا اختلفا في الاجل أو في خيار الشرط أو في الرهن أو في الضمين.

.حكم البيع الفاسد:

البيع الصحيح ما وافق أمر الشارع باستيفاء أركانه وشروطه، فحل به ملك المبيع والثمن والانتفاع بهما.
فإذا خالف أمر الشارع لم يكن صحيحا بل يقع فاسدا باطلا.
فالبيع الفاسد هو البيع الذي لم يشرعه الإسلام، وهو لهذا ينعقد ولا يفيد حكما شرعيا ولا يترتب عليه الملك ولو قبض المشتري المبيع، لأن المحظور لا يكون طريقا إلى الملك.
قال القرطبي: كل ما كان من حرام بين ففسخ فعلى المبتاع رد السلعة بعينها، فإن تلفت بيده رد القيمة فيما له قيمة، وذلك كالعقار والعروض والحيوان، والمثل فيما له مثل من موزون أو مكيل من طعام أو عرض.

.الربح في البيع الفاسد:

ذهب الأحناف إلى أن المبيع بيعا فاسدا إذا قبض البائع الثمن وتصرفه فيه فربح فعليه فسخ البيع ورد الثمن للمشتري والتصدق بالربح لحصوله له من وجه منهي عنه ومحظور عليه بنص الكتاب.

.التسعير:

معناه: التسعير معناه وضع ثمن محدد للسلع التي يراد بيعها بحيث لا يظلم المالك ولا يرهق المشتري.
النهي عنه:
روى أصحاب السنن بسند صحيح عن أنس رضي الله عنه قال: قال الناس: يا رسول الله، غلا السعر فسعر لنا، فقال رسول الله: «إن الله هو المسعر، القابض الباسط الرازق. وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني مظلمة في دم ولا مال».
وقد استنبط العلماء من هذا الحديث حرمة تدخل الحاكم في تحديد سعر السلع لأن ذلك مظنة الظلم، والناس أحرار في التصرفات المالية، والحجر عليهم مناف لهذه الحرية.
ومراعاة مصلحة المشتري ليست أولى من مراعاة مصلحة البائع.
فإذا تقابل الأمران وجب تمكين الطرفين من الاجتهاد في مصلحتهما.
قال الشوكاني: إن الناس مسلطون على أموالهم والتسعير حجر عليهم والإمام مأمور برعاية مصلحة المسلمين، وليس نظره في مصلحة المشتري برخص الثمن أولى من نظره في مصلحة البائع بتوفير الثمن، وإذا تقابل الأمران وجب تمكين الفريقين من الاجتهاد لانفسهم.
وإلزام صاحب السلعة أن يبيع بما لا يرضى به مناف لقول الله تعالى: {إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم}. اهـ.
ثم إن التسعير يؤدي إلى اختفاء السلع، وذلك يؤدي إلى ارتفاع الاسعار، وارتفاع الاسعار يضر بالفقراء، فلا يستطيعون شراءها، بينما يقوى الاغنياء على شرائها من السوق الخفية بغبن فاحش، فيقع كل منهما في الضيق والحرج ولا تتحقق لهما مصلحة.

.الترخيص فيه عند الحاجة إليه:

على أن التجار إذ ظلموا وتعدوا تعديا فاحشا يضر بالسوق وجب على الحاكم أن يتدخل ويحدد السعر صيانة لحقوق الناس، ومنعا للاحتكار، ودفعا للظلم الواقع عليهم من جشع التجار.
ولذلك يرى الإمام مالك جواز التسعير، كما يرى بعض الشافعية جوازه أيضا في حالة الغلاء.
كما ذهب إلى إجازته أيضا في السلع جماعة من أئمة الزيدية ومنهم: سعيد بن المسيب، وربيعة بن عبد الرحمن، ويحيى بن سعد الانصاري، كلهم يرون جواز التسعير إذا دعت مصلحة الجماعة لذلك...قال صاحب الهداية: «ولا ينبغي للسلطان أن يسعر على الناس، فإن كان أرباب الطعام يتحكمون ويتعدون في القيمة تعديا فاحشا، وعجز القاضي عن صيانة حقوق المسلمين إلا بالتسعير، فحينئذ لا بأس به بمشورة من أهل الرأي والبصر».

.الإحتكار:

تعريفه: الاحتكار هو شراء الشئ وحبسه ليقل بين الناس فيغلو سعره ويصيبهم بسبب ذلك الضرر.

.حكمه:

والاحتكار حرمه الشارع ونهى عنه لما فيه من الجشع والطمع وسوء الخلق والتضييق على الناس.
1- روى أبو داود والترمذي ومسلم عن معمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من احتكر فهو خاطئ».
2- وروى أحمد والحاكم وابن أبي شيبة والبزار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من احتكر الطعام أربعين ليلة فقد برئ من الله وبرئ الله منه».
3- وذكر رزين في جامعه أنه صلى الله عليه وسلم قال: «بئس العبد المحتكر: إن سمع برخص ساءه، وإن سمع بغلاء فرح».
4- وروى ابن ماجه والحاكم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الجالب مرزوق، والمحتكر ملعون».
والجالب هو الذي يجلب السلع ويبيعها بربح يسير.
5- وروى أحمد والطبراني عن معقل بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم كان حقا على الله تبارك وتعالى أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة».

.متى يحرم الاحتكار:

ذهب كثير من الفقهاء إلى أن الاحتكار المحرم هو الاحتكار الذي توفر فيه شروط ثلاثة:
1- أن يكون الشئ المحتكر فاضلا عن حاجته وحاجة من يعولهم سنة كاملة، لأنه يجوز أن يدخر الإنسان نفقته ونفقة أهله هذه المدة، كما كان يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم.
2- أن يكون قد انتظر الوقت الذي تغلو فيه السلع ليبيع بالثمن الفاحش لشدة الحاجة إليه.
3- أن يكون الاحتكار في الوقت الذي يحتاج الناس فيه إلى المواد المحتكرة من الطعام والثياب ونحوها.
فلو كانت هذه المواد لدى عدد من التجار - ولكن لا يحتاج الناس إليها - فإن ذلك لا يعد احتكارا، حيث لا ضرر يقع بالناس.

.الخيار:

هو طلب خير الأمرين من الإمضاء أو الإلغاء، وهو أقسام نذكرها فيما يلي:

.خيار المجلس:

إذا حصل الايجاب والقبول من البائع والمشتري وتم العقد فلكل واحد منهما حق إبقاء العقد أو إلغائه ماداما في المجلس أي محل العقد، ما لم يتبايعا على أنه لا خيار.
فقد يحدث أن يتسرع أحد المتعاقدين في الايجاب أو القبول، ثم يبدو له أن مصلحته تقتضي عدم إنفاذ العقد، فجعل له الشارع هذا الحق لتدارك ما عسى أن يكون قد فاته بالتسرع.
روى البخاري ومسلم عن حكيم بن حزام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما» أي أن لكل من المتبايعين حق إمضاء العقد أو إلغائه ماداما لم يتفرقا بالابدان، والتفرق يقدر في كل حالة بحسبها، ففي المنزل الصغير بخروج أحدهما، وفي الكبير بالتحول من مجلسه إلى آخر بخطوتين أو ثلاث، فإن قاما معا أو ذهبا معا فالخيار باق.
والراجح أن التفرق موكول إلى العرف، فما اعتبر في العرف تفرقا حكم به وما لا فلا.
روى البيهقي عن عبد الله ابن عمر قال: بعت من أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه مالا بالوادي بمال له بخيبر، فلما تبايعنا رجعت على عقبي حتى خرجت من بيته خشية أن يردني البيع، وكانت السنة أن المتبايعين بالخيار حتى يتفرقا. وإلى هذا ذهب جماهير العلماء من الصحابة والتابعين.
وأخذ به الشافعي وأحمد من الائمة وقالا: إن خيار المجلس ثابت في البيع والصلح والحوالة والاجارة وفي كل عقود المعاوضات اللازمة التي يقصد منها المال.
أما العقود اللازمة التي لا يقصد منها العوض مثل عقد الزواج والخلع فإنه لا يثبت فيها خيار المجلس.
وكذلك العقود غير اللازمة كالمضاربة والشركة والوكالة.
متى يسقط: ويسقط خيار الشرط بإسقاطهما له بعد العقد وإن أسقطه أحدهما بقي خيار الاخر. وينقطع بموت أحدهما.